طفولة عرجاء… وادارة صماء

أميال يقضيها ذاك الطفل الصغير … ليصل بعد عناء كبير الى خراب يسمى بالمدرسة … يصل الى هناك منهك بجسد ضعيف ومنهك … ليتلقى وابل من الدروس و التمارين …التي ربما يستوعب منها القليل أو حتى البضع من المواعض و الكلمات الجوفاء التي تزول وتنسى بطول مسافات الطريق الذي يربط بين مدرسته و كوخه الصغيرفي مدرسة بلا أبواب ولا صور …في مدرسة بأربعة جدران .

تراتيل …و كلمات ربما فهمها يوسف ذاك الولد الصغير الذي يسكن في منطقة نائية …منطقة غير بعيدة عن جبل مغيلة…حيث لا توجد لا أماكن الترفيه ولادور الأطفال و لا المكاتب …لا يوجد غير عربة صغيرة صنعها يوسف بعد أن جمع القليل من الأسلاك حتى يرفه عن نفسه ويحقق حلمه الصغير بأن يصبح طيارا ضمن وحدات الجيش الوطني…منطقة الجفافلية التابعة لمعتمدية سبيبة من المؤكد أن وزيرة المرأة سميرة مرعي أو وزير التربية ناجي جلول لا يعرفان هذه المنطقة النائية التي ولد فيها يوسف و ترعرع هناك …مثله مثل ألاف الأطفال في الأرياف التي لا تعرفها لا وزيرة المرأة ولا وزيرة التربية أوحتى المسؤولين الجهويين الذين يدعون أنهم يدافعون و بإستماتة على الأبرياء على البراعم الصغيرة التي زرعت و نشأة بين الحجارة في أرض يابسة …أرض قاحلة.
رفع يوسف في وجههم علامة النصر ليقول لهم ها أني هنا ولدت وترعرعت بين الجبال و الوديان …ليقول لهم اني أقطع مئات الأميال لأتعلم وأدرس…لأنتصر و أغير الواقع و التاريخ…سأحقق حلمي و أطير في السماء بزيا الأبطال…سأحلق عاليا فوق هذه الجبال و أنظفها من براثين الإرهاب …لأحمي تلك الوزيرة أو ذاك الوزير الذي لم يهتم لبردي و ألمي …لجوعي وتعبي…لأحمي وطني و قريتي التي تستفيق كل يوم على القصف …
بثياب بالية و ساقان حافيتان يقف يوسف بشموخ وثقة كبيرة في النفس…باستعداد وثبات ربما كان يرى ما لم نكن نراها …ربما كان يرى زيه النظامي …وعالمه الصغير الذي اندمج فيه وغاص دون عودة لم يبالي بما يدور حوله …وربما لم يتفطن لهذه الصورة التي تختزل واقعه الأليم وواقع الألاف من الأطفال في الجهات المحرومة و المفقرة …
هم أطفالا في الشتاء يموتون غرقا و في الصيف يموتون حرقا…هم أطفالا لا يملكون هواتف ذكية أو ثيابا جديدة كثياب أبناء الوزيرة أو الوزير …أو حتى كأبناء المسؤولين…هم أطفال لا يعرفون الحواسيب ولا “تابلات” جلول .
يفكرون فقط في المشي على الأقدام الى المدارس …وفي البقاء الى العراء في وقت الإستراحة …بأجساد باردة و أمعاء خاوية…هي وضعيات لا تثير الوزير و لا المسؤول…الذي ازداد طمعه و شحه الذي وصل الى حرمان يوسف وغيره من دراجة هوائية تختصر عليه الطريق…حرمه منها ليهديها الى ابنه الذي لا يضع رجليه على الارض ابدا ولا يتسخ نعليه بالتراب أو الوحل…
خطف الإبتسامة من الفقراء ليسعد ابنه و يتمتع بدراجة ربما غدا تصبح مجرد هيكل ملقى في القمامة.
سيكون النصر حليفك بني وحليف كل الأطفال الذين يعانون مرارة الفقر و الخصاصة…ستتألمون اليوم لتسعدو غدا…وتحققوا أحلامك الصغيرة …وتحققوا ما حرمكم منه الوزير و المسؤول…فالعدالة الربانية ستتحقق في الأخير.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*