الإرهاب يهدد المدنيين في تونس

تفشت العمليات الإرهابية في البلاد التونسية وخاصة في محافظة القصرين التي تبعد عن العاصمة التونسية ب290كلم.     فقد أصبحنا نتحدث عن استهداف المدنيين و الإعلاميين بعد أن كانت المجموعات الإرهابية لا ترى أمامها سوى الوحدات العسكرية و الأمنية هدفا لها.

اختطاف راعي… رصاصة في الرأس تنهي حياته

hedi guesmi

نجيب القاسمي هو راع أصيل منطقة سيدي حراث المتاخمة لجبل سمامة ، هو أب لطفلين الأكبر عمره 6 سنوات والصغرى 3 سنوات. ككل يوم يرعى الشهيد نجيب بقطيع جاره في جبل سمامة باعتباره يعمل راع لدى جاره.فوضعيته الاجتماعية مزرية و يقتات من مهنة مهمشة لا تغني من جوع ولا توفر مستلزماته اليومية.
خرج الشهيد بعد أن ودع زوجته و أبنائه ككل يوم ، خرج ولم يكن يعلم أنه لن يعود مرة أخرى إلى حضن أسرته البسيطة و الفقيرة . كان رفيقه في عمله ابن خالته صالح القاسمي ، صعدوا الجبل حاملين معهم القليل من الطعام ولم يكن يعلموا أن العناصر الإرهابية في انتظارهم .

يقول صالح ” أنه وبينما كانا يأكلان إذ برجل مسلح خرج لهما من بين الأشجار و لحقه خمسة اخرين كانوا جميعهم مسلحين انطلقوا في استجوابهم عن من تربطه علاقة بالوحدات الأمنية و العسكرية.

“استولوا على ثلاث خرفان و هواتفنا المحمولة وقاموا بضربي وبضرب نجيب ابن عمي الذي و تحت التعذيب اعترف أنه يمد الوحدات الأمنية و العسكرية بالمعلومات عن الإرهابيين .”هذا ما أكده المواطن صالح القاسمي الذي أطلق الإرهابيين الستة صراحه بعد استجوابه و بعد أن تبين لهم انه ليست له أية علاقة مع الوحدات الأمنية و العسكرية  كما تم ضربه هو الأخر .

” قول لأمو تنساه” عبارات رددها لنا شقيق الشهيد نجيب القاسمي بنبرات حزن و أسف على شقيقه مضيفا ” قضيت ليلة البارحة نائم فوق السطح لان الإرهابيين هددوني بالقتل لأن أخي اعترف للإرهابيين أني أتعامل مع الجهاز الأمني”

تمشيط الجبل … وكمين يؤدي إلى استشهاد جنديين في جبل سمامة

11 أكتوبر 2015 هو تاريخ اختفاء الشهيد نجيب القاسمي في جبل سمامة بعد الظهر تقريبا 12 أكتوبر 2015 عمليات تمشيط موسعة في جبل سمامة وأهالي الشهيد ينتظرون عودة ابنهم كما أنهم لم يتلقوا أي خبر يعلمهم بمصير ابنهم المجهول. ولا تزال عمليات التمشيط و البحث متواصلة من قبل الوحدات العسكرية إلى حدود العثور على مخيم للإرهابيين في وسط جبل سمامة بداخله مواد غذائية و بقية لحم الخرفان التي سرقها الإرهابيون من قطيع الراعي نجيب و ابن عمه و أدوات و أواني تستعملها الجماعات المسلحة.

وبينما كان الوحدات العسكرية بصدد تفتيش المخيم إذ أطلقت المجموعة الإرهابية النار عليها لتدور مواجهات مسلحة بين الطرفين انتهت باستشهاد جنديين ( وسام حمدي وإسماعيل الظاهري ) و إصابة أربعة جنود أحرين إصابات متفاوتة الخطورة أحدهما خطيرة .

العثور على جثة الشهيد نجيب بعد ثلاثة أيام

مباركة القاسمي زوجة الشهيد نجيب

مباركة القاسمي زوجة الشهيد نجيب

بعد ثلاثة أيام و تحديدا مساء الثلاثاء  13 أكتوبر 2015بعد عمليات تمشيط موسعة وجدت الوحدات العسكرية الشهيد الراعي نجيب القاسمي جثة هامدة قتل على الطريقة الداعشية حيث كان موثوق اليدين إلى الوراء و على جسده أثار تعذيب كبيرة  على مستوى الساق، كما قامت المجموعة الإرهابية بتكسير أطرافه الأربعة ثم أطلقوا عليه رصاصة في رأسه من الخلف لتخرج من عينه .

تقول زوجة  نجيب القاسمي  مباركة أن ” عائلتها أصبحت اليوم مهددة من قبل الإرهابيين حيث تلقت بعد وفاة زوجها بأيام مكالمة  هاتفية مجهولة تهددها بالقتل” .”أطلب الحماية لي و لأبنائي و عائلة زوجي” نداء وجهته مباركة  إلى السلط الأمنية     و العسكرية والدموع لم تجف من عيناها الحزينتان منذ أن تلقت خبر اختطاف والد أبنائها.”

مباركة القاسمي الأم لطفلين و التي لم يتجاوز عمرها الثلاثين ربيعا فقدت زوجها المعيل الوحيد لأسرتها وهي لا تملك حتى منزل تقطن فيه هي و طفلاها الصغيران تقول ” وضعيتي الاجتماعية مزرية ولا أملك منزل و زوجي يعمل راع عند أحد الجيران وهذا مورد رزقتا الوحيد ولم يعد لي سندا بعد رحيل نجيب.”

عملية إرهابية أخرى : إرهابيين حاولا قطع لسان الطفل وهيب

محاولة قطع لسان وهيب الذوادي

محاولة قطع لسان وهيب الذوادي                 

” بينما كنت جالسا في المنزل وحدي و أمي كانت ترعى بالأغنام على مقربة من المنزل ، سمعت الباب يطرق فذهبت لافتحه ظنا مني أنها والدتي، ولكن أحدهم دفع الباب بقوة فهربت إلى الداخل فلحقني رجلان كانا يرتديان زيا عسكريا و ملثمان ،أحدهما أمسك بي بينما كنت أصرخ وأغلق فمي بقوة ثمة ضربيني لكني واصلت الصراخ فقام بمحاولة قطع لساني بسكين وقال لي ” المرة الجاية نقصلك لسانك  أما الإرهابي  الأخر فكان  يبحث عن المؤونة في الغرفة التي كنا بها ثم لاذوا بالفرار عندما سمعوا صوت أمي تناديني.” هذا ما حدثنا به  وهيب الذوادي  الطفل الصغير الذي يبلغ من العمر عشر سنوات يقكن في منطقة الذواودية التابعة لمنطقة مزرق الشمس ، الذي عجز رواية تفاصيل الحادثة بسبب الجرح العميق في لسانه .

سكان المناطق المتاخمة للحبال يطالبون بتوفير الحماية لهم

شقيق الشهيد الامام صالح الفرجاوي الذي استشهد منذ أشهر في منطقة زاوية بن عمار المتاخمة لجبل سمامة على يد مجموعة إرهابية قال ” نحن مطالب بالحماية لا غير فنحن مهددون من قبل المجموعات الإرهابية و توفير الأمن هو مطلب المنطقة الأساسي و لا نريد غير الأمن”.نفس مطلب الهادي القاسمي شقيق الشهيد نجيب .

الشهيد صالح الفرجاوي

الشهيد صالح الفرجاوي                                    

” حياتي و حياة عائلتي أصبحت مهدد و أنا أفكر في مغادرة منزلي و تغيير مقر سكناي حتى أضمن سلامة عائلتي.” حدثنا والدة وهيب بغضب بعد الحادثة الخطيرة التي تعرض لها ابنها مضيفة “أن قرابة 10 عائلات  من أصل 30 عائلة غادروا منازلهم و هاجروا باتجاه العاصمة وذلك خوفا من الإرهاب و كذلك لانعدام المرافق الضرورية للحياة من غياب الماء الصالح لشراب و التنوير وغيره من النقائص التي أصبحت تهدد حياة الناس.” “و توفير الأمن مطلبنا الوحيد”.

ماجدولين الشارني  تزور عائلتي الشهيدين و عائلة الطفل وهيب

زيارة عائلات الشهداء و الطفل وهيب

زيارة عائلات الشهداء و الطفل وهيب             

قرارات عدة تم اتخاذها على اثر الزيارة التي أدتها كاتبة الدولة المكلفة بملف الشهداء و الجرحى رفقة والي الجهة الشاذلي بوعلاق و كافة الإطارات الجهوية إلى كل من عائلة الشهيد نجيب القاسمي بمنطقة سيدي حراث و عائلة الشهيد صالح الفرحاوي بمنطقة زاوية بن عمار و عائلة الطفل وهيب الذوادي ومن بين هذه القرارات تمكين عائلة الشهيد نجيب من مسكن اجتماعي و جراية شهرية و تمكين زوجة الشهيد الفرجاوي من التغطية الاجتماعية في حين تم تمكين والد الطفل وهيب من عمل بالمنطقة.

أصبح الإرهاب يهدد اليوم يهدد حياة المدنيين بعد مقتل الشهيدين نجيب القاسمي و الامام صالح الفرحاوي مقابل مطالبة المواطنين بضرورة توفير الحماية لهم و خاصة الذين يسكنون تحت الجبال .

ثريا القاسمي

 

نشر في موقع رسائل عربية

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*