الدولة تسرق ليلا نهارا

 

ظاهرة ليست بالجديدة على مؤسساتنا الحيوية في تونس ما بعد الثورة لكنها اكتسحت شوارع جل ولايات الجمهورية هذه الأيام لتنتشر الصور في المواقع الإجتماعية وتتكاثر التعاليق الساخرة والمنددة بمثل هذه التصرفات الإنتهازية .
الظاهرة تعكس الانفلات الأخلاقي والفساد الاداري للمؤسسات الدولة ويتجلى ذلك من خلال استعمال السيارات الادارية لأغراض شخصية لتغيب نخوة المدير وتضمحل إنسانية الاداري و تصبح أموال الشعب في أيادي غير أمينة وفي الأخير نجد المواطن هو الخزينة الأولى التي تسترجع من خلاله الدولة خسائرها وتسدد ديونها .

فالمدير يستغل السيارات الإدارية لقضاء مصالحه الشخصية فتجد سائقه الخاص ينقل الزوجة الى مقر عملها وأطفال المدير الى مدارسهم وطبعا مصاريف التنقل كلها على حساب المؤسسة. الاداريون بدورهم لهم نصيب وافر من لحم الكتف كيف لا والتسيب  سيد الموقف في الادارات التونسية ؟

فهم يبدعون ويتفننون في الفساد وسرقة المال العام حيث يهرعون الى باعة البنزين المهرب والذي يباع بثمن بخس لملئ خزانات السيارات الإدارية لتكون التكاليف  أقل و يخرج هو بأرباح يزيد بها راتبه الشهري وكل هذا على حساب المواطن البسيط الذي لم يعد قادرا حتى على توفير حاجيات أبنائه .
وأمام هذا الانفلات والفساد نجد الوزارات مكتوفة الأيدي لا لأنها غير دارية بما يحصل بل لأن سيادة الوزير منخرط أيضا في هذه المنظومة فهو يتنقل ويسافر ويلبس  على حساب الدولة التي يسعى جاهدا لتلبية رغبات مواطنيها وتيسير أمورهم حتى أنه لا يجد وقتا لتناول طعامه بسبب عمله الدؤوب الذي تسبب في بروز بطنه مترا إلى الامام.
الفساد وسرقة المال العام ظاهرة شملت جل مؤسسات الدول فتجد الاداريين للمال جامعين ولتصريف المواطنين متجندين فلا تسمع جوابا يرضي ولا وثائق تستخرج. فعند دخولك لا تشاهد غير الذهاب والاياب في بهو الادارة لينشرح قلبك وتقول أن الامر على احسن ما يرام، تدخل المكتب الأول فلا تجد أحدا الثاني مغلق والثالث يجتمع فيه عدد كبير من الاداريين. وما إن تدخل حتى يستقبلوك بالترحاب ليخيل اليك أنك انت المركز وانهم سيخرجوك من مشكلتك لكن ما إن تبدأ في الكلام وشرح المشكل حتى يعلموك أن المدير في إجتماع أو أنه في عطلة لتخرج بخفي حنين وكالعادة “أرجع غدوة” وتبقى على هذا الحال أشهر فأشهر ولا من مجيب .

والحال ينطبق على جل المؤسسات دون استثناء فلا عمل منظم ولا توقيت عمل منظم لتجد صرف المرتبات هو الشيئ الوحيد المحدد باليوم والساعة وان وجدوا غير ذلك هبوا الى الاضرابات و الوقفات الاحتجاجية… نريد الترفيع في مرتباتنا …نريد منح كذا وامتيازات كذا أو سنعطل مسار العمل و سنضرب حتى تتحقق مطالبنا .
أهكذا تكافؤن من منحكم حرية التعبير؟

أهكذا تكافؤن من حرركم من قيود الاستعباد والذل و الاهانة؟

ها قد شبعتم و خزنتم أموالكم أفلا تنظرون لأمهات الشهداء الثكالى؟

ألا تنظرون للجرحى المعطلين عن العمل؟

ألم تنظروا للعاطلين عن العمل؟ للمهاجرين؟ و “الحارقين” ؟ و المحروقين ؟

خذوا الأموال والسيارات… خذوا الموارد والقصور… تمتعوا سافروا لكن أتركوا لنا تونس أتركوا لنا وطننا لنعيش بأمن وسلام لنعيش مع أهلنا وأبنائنا اتركوا لنا أخلاقنا ومبادئنا التي غابت عنكم وبعتوها بالمال فنحن شعب واحد أمة واحدة لن يفرقنا حبنا للمال أو الجاه .

ثريا القاسمي

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*